الشبكة الجديدة للتلفزة الوطنية:«تعزيزات خارجية»... في إطار سياسة التقشف !


غموض كبير رافق البرمجة الجديدة في مؤسسة التلفزة التونسية بقناتيها فأبناء الدار يعتبرون أنه تم اقصاؤهم في حين تصر الادارة على تمسكها بسياسة التقشف.

أجواء التوتر ليست غريبة على مؤسسة التلفزة التونسية بل يمكن القول أنها تعمقت بعد الثورة بسبب ما بات يعرف في تونس بالتداخل بين السياسي والمهني وإن كانت التعيينات التي أقرتها الحكومات المتعاقبة في مرحلة الحكم الانتقالي قد أثارت جدلا ومخاوف لدى الرأي العام الاعلامي فإن البرمجة الجديدة التي أقرتها ادارة مؤسسة التلفزة باتت تهدد حالة التوافق التي تسعد جميع الأطراف المتداخلة الى توفيرها في هذا المرفق العمومي الاتصالي الهام.
ورغم أن آخر سبر للآراء بيّن أن القناة الأولى تتصدر نسب المشاهدة بـ37٪ فإن هذا النجاح يخفي اخفاقا على مستوى التسيير أكده عدد كبير من الصحفيين الذين يقولون أنه تم تهميشهم او اقصاؤهم دون تبرير وتفسير منطقي هذه الاجواء أدت الى خلق حالة من الغضب والاستياء في صفوف أبناء المؤسسة.
إقصاء... جدل واستياء
وضمن شبكتها الجديدة تشرع الوطنية الاولى في غضون الايام القليلة القادمة في عرضه الشبكة الشتوية التي أثارت الكثير من الجدل داخل المؤسسة قبل موعد انطلاقها. هذه البرمجة الجديدة التي تخلت فهيا الادارة على مجموعة من البرامج الحوارية السياسية السابقة بحجة الضغط على المصاريف وانتهاج سياسة التقشف حسب اعتقادها، يراها أبناء المؤسسة اقصاء خاصة وان الادارة خيرت ان تتعاقد مع المتعاونين من خارج المؤسسة وتوفر لهم كل الامكانيات في حين ان أبناء الدار مجمّدون لذلك يرى البعض أن حجة سياسة التقشف هذه لا يمكن ان تنطبق على هذا الخيار.
وتعود البرمجة الشتوية للقناة الوطنية الاولى بـ3 برامج سياسية حوارية وهي «شكرا على الحضور» برنامج أسبوعي قدمه بوبكر عكاشة متعاون خارجي «ساسة على الاولى» يقدّمه وسيم بالعربي متعاون خارجي أيضا وبرنامج من انتاج قسم الأخبار يبث في سهرة الجمعة ولم يحدد بعد عنوانه.
ومن بين 3 برامج يتمتع أبناء الدار ببرنامج واحد يتداول على تقديمه صحفيي قسم الاخبار.
إيقافات دون تبرير
الى ذلك تقول الزميلة أمال الشاهد «كنت تقدّمت بـ4 مشاريع برامج على أمل الموافقة على أحدها في البرمجة الجديدة للقناة الأولى وللأسف لم يتم اعتماد أي مشروع وتم تحويل «وجهتي» الى الشبكة الثقافية لتنشيط حصة تعنى بالشأن الثقافي والواضح ان إقصائي من البرمجة ليس وليد اليوم بل يعود الى فترة سابقة لما تم إلغاء 4 حصص كنت سجلتها ضمن برنامج «بتوقيت الأولى».
يذكر أن البرنامجين الحواريين للصحفيين إيهاب الشاوش ووليد عبد الله. قد تم إيقافها دون ان تقدّم الإدارة اي تبرير رغم عدم توفّر معطيات إدارية فإن التقارير الصادرة عن إدارة مؤسسة التلفزة جاءت لتؤكد سياسة التشقف المتبعة للضغط على النفقات وحسن التصرف في الموارد المالية بهدف توفير مادة إعلامية وفنية ترتقي الى عراقة وتاريخ التلفزة التونسية وهو رأي يطعن فيه عديد الزملاء العاملين بالمؤسسة باعتبار ان الإدارة استنجدت بمتعاونين خارجيين لإنتاج وتنشيط برامج اخبارية تكلّف في بعض الأحيان أضعاف ما يتقاضاه الصحفيون القارّون بالتلفزة فعلى سبيل المثال تم تجديد عقود الانتاج مع صحفي إذاعة «موزاييك» بوبكّر عكاشة والاعلامي وسيم بالعربي حيث صرّح مصدر من التلفزة ان الإدارة تتناقض مع نفسها حين تصر على سياسة التقشف وفي نفس الوقت تثقل كاهل المؤسسة بعقود انتاج خارجية لا تختلف كثيرا عمّا ينتجه أبناء الدار.
مناخ التوتّر كان سيجد له بعض الانفراج لو استأنست إدارة المؤسسة بالهياكل المختصة على غرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري ونقابة الصحفيين التونسيين والنقابة العامة للثقافة والاعلام واللجان المتناصفة لصياغة استراتيجيا واضحة تضمن للتلفزة التونسية الجودة والموضوعية والاستقلالية بما يتماشى وطبيعتها كمرفق عمومي ومكسب وطني.