يموّلها شيوخ عرب وتدعمها حكومة النهضة:قنوات تلفزية مشبوهة في خدمة «الإخوان»


أقرّ مسؤول من الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري أن الهيئة عاجزة أمام دعم الحكومة وحمايتها لعدد من القنوات التلفزية غير القانونية والتي تلعب دورا مشبوها على الساحة الاعلامية وتفيد المعلومات أنها مموّلة من طرف عدد من الشيوخ العرب.
انفلات يعيشه القطاع الاعلامي مردّه مساحة الحرية التي اكتسبها بعد الثورة، وإن كان ظهور عدد من القنوات التلفزية والمحطات الاذاعية ظاهرة صحية فإن مضمونها وحضورها غير القانوني يجعلها ظاهرة مرضية زادت في أزمة القطاع.
هذه القنوات التي توالدت من رحم الثورة باسم حرية التعبير ظهورها يطرح أكثر من سؤال: من يموّلها؟ الى أي قانون تخضع هذه التلفزات؟ ما هو خطّها التحريري؟ أي دور تلعبه على الساحة الاعلامية؟ وما مدى تحكّم الـ«هايكا» في هذه الفضائيات؟
بعض المصادر المطلعة تجيبنا عن هذه الأسئلة وتفيد معلوماتنا أن بعض الشيوخ العرب رصدوا المليارات لإنشاء قنوات تلفزية في تونس خدمة لمصالحها السياسية والدينية وهذه الجماعات محسوبة على التنظيم الموالي لحركة الإخوان المسلمين.
ومن هذه القنوات الـ«قلم» و«الإنسان» و«المتوسط» و«الزيتونة» و«شبكة تونس الاخبارية». وتلعب هذه الفضائيات دورا في هذه المرحلة الحرجة التي تمرّ بها البلاد حيث تسعى بعضها الى تضليل الرأي العام وتوجيههم في إطار خدمة الحزب الحاكم بعيدا عن الحيادية والموضوعية والحرفية. وعلى سبيل المثال وجّهت قناة «المتوسط» الاتهام الى وزارة الداخلية على أساس أنها تورّطت في قتل أشخاص يبحثون عن الكنوز وليسوا إرهابيين، حسب تقريرها.
مخطط «إخواني»
كما كشفت صحيفة «الفجر» الجزائرية مخططا لتنظيم الإخوان العالمي لتدمير منطقة المغرب العربي ومن ذلك إنشاء قنوات تلفزيونية منها قناة لرئيس «حمس» عبد الرزاق مقرّي ستشرع في البث قريبا في تونس خدمة لنظام الإخوان في تونس وفي المغرب العربي حتى تتمكّن هذه الفضائيات من غسل الأدمغة وترسيب أفكارها عن طريق الاعلام.
ومن بين هذه الفضائيات التي رصدت لها دولة قطر أموالا طائلة هي قناة «المتوسط» التي تتخذ الآن من العاصمة التونسية مقرّا لها. وقد أكدت ذات المصادر أن هذه المبالغ التي خصّصت لدعم المواقع والشبكات الاعلامية خصّصت أيضا لدعم هذه القناة التي يملكها رئيس حركة مجتمع السّلم التنظيم الموالي لحركة الإخوان المسلمين.
وحتى لا يظهر ممولو هذه الفضائيات الحقيقيون وهم أغلبهم من المشايخ السعوديين والقطريين يتمّ وضع أشخاص وهميين كمالكين للقنوات. وتفيد بعض المصادر أن المخطط القادم هو مزيد إنشاء أكثر ما يمكن من الفضائيات التلفزية في منطقة المغرب العربي لدعم نظام الإخوان وتحضيره للانتخابات الرئاسية المقرّرة في ربيع 2014 بالجزائر حسب نفس المصدر.
وضعية غير قانونية
ونظرا الى أهمية هذه الفضائيات في خدمة النظام الحالي فإن الحكومة الحالية تلعب دور الداعم والحامي لها بالرغم من وضعيتها غير القانونية لتجد الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري نفسها عاجزة أمام عدم تفاعل الحكومة معها وهو ما أكده مصدر من الـ«هايكا» لـ«الشروق».
في الوقت ذاته تعمل الـ«هايكا» على إعداد كرّاس شروط واتفاقيات ستبرمها مع هذه الاذاعات والتلفزات لإخضاعها للقوانين والمعايير الدولية.
لكن السؤال المطروح هنا هل سيتم تطبيق المعايير الدولية أو سيتم فرض الأمر الواقع الذي اختلط فيه السياسي بالاعلامي؟ الاجابة تبقى رهينة استقالة الحكومة من عدمها! أو تفاعلها من صمتها؟!
ويؤكّد نفس المصدر أن تفعيل مخطّط الـ«هايكا» يعدّ تحدّيا حقيقيا ينتظرها هذه الأيام، لتبيّن قدرتها على مجابهة هذه الظواهر السلبية التي ظهرت بعد الثورة.
وفي نفس السياق صرّح مصدرنا أن وراء توالد القنوات التلفزية غير القانونية جهات ضغط مالي وسياسي ولهذه الجهات امتداد خارج اطار الاعلام حسب تعبيره. ويتساءل عضو الـ«هايكا» كيف ستتعامل هذه الجهات مع كرّاس الشروط التي يجب أن تتعارض مع ما يُرادُ له من فرض أمر واقع؟! مضيفا أن هذه الاذاعات والتلفزات هي أمر واقع لكنها غير قانونية ومن الصعب إدراجها ضمن مقاربة حريّة التعبير باعتبار الاخلالات الأخلاقية والمهنية التي نلاحظها في هذه الفضائيات على حدّ قوله.
دعوى ضد الحكومة
وتعتبر الـ«هايكا» درجة قضائية دنيا وهي تختلف عن الهيئة الوطنية لاصلاح الاتصال والاعلام في كونها ليست هيئة استشارية بل بامكانها اتخاذ القرارات والعقوبات وهنا يطرح السؤال كيف يمكن لها أن تقوم بهذا الدور الذي يستوجب تفاعل السلط العمومية معها. بينما الـ«هايكا» بصدد رفع دعوى ضد الحكومة فيما يخص التعيينات في المؤسسات العمومية أمام غياب الارادة السياسية لترجمة المراسيم 41 المتعلّق بحق النفاذ الى الوثائق الادارية و115 المتعلق بحريّة الصحافة و116 المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وهو ما أكّده مصدرنا الذي يفترض ان هذه المراسيم إن تفعّلت تغيّر المشهد الاعلامي في تونس ولكن يبدو أن الحكومات اللاحقة بعد الثورة لا ترغب في هذا الشكل من التغيير الذي يجعلها في منأى عن السيطرة ووضع اليد على وسائل الاعلام سواء كانت سمعية أو بصرية أو مكتوبة.
ويعيش القطاع السمعي البصري في تونس بعد الثورة على وقع انفلات وفوضى قنوات قد يهدّد عدم خضوعها الى قوانين وضوابط أخلاقية واعلامية البلاد والعباد.
وهو اشكال سياسي وفكري وثقافي بالاساس دعمته بعض المشايخ العربية المنتمية الى تنظيم الإخوان وغذّته حكومة النهضة وحماه بعض الفاعلين السياسيين.
المصدر :الشروق